الأربعاء، ٤ أبريل ٢٠٠٧
إيران حليف إستراتيجي .. أم عدو طائفي ؟



- مقدمة : لا يخفى عن الجميع أن العالمَ يعجّ ُ بالمؤامرات السياسية التي تحيكها الدول والحكوماتِ كلّ ٌ منها من أجل مصلحته الخاصة دون النظر إلى تبعات تلك المؤامرات على الشعوبِ والأمم التي حكّمت هؤلاء الأشخاص في أرواحهم وحياتهم .وفي تلك المقالة سوفَ أتطرق إلى بعض هذه المؤامرات التي كانت تخفى عن أعين الكثيرين ولكن ربما أقف في شرحي لأبعاد تلك المؤامرات بعيداً عن موقف حكومات العالم من مؤيدة ٍ ومناهضة , وبعيداً أيضاً عن مواقف الشعوب من تلك المؤامرات ونظرتهم إليها لما تتسم تلك المواقف ببعض العاطفةِ وعدم تحكيم العقلَ والمنطقَ فيها .

________________
أبدأ ُ الآنَ قولي أن بعضَ الناس ِ يؤمنون بالمبدأ الذي يقولُ بأنّ َ " عدو عدوّي صديقي " بل ويعملون به , وربما يكونُ مثالاً على هذا موقف الرأي العام العربي المتحيّز إلى حدٍ بعيد للجانب الإيراني في أزمته السياسية وتحديه الشديد لسياسات الولايات المتحدة التي تنتهجها في الشرق الأوسط بل وربما في العالم كله

وربما قد يكون هذا التحيّز من جانب الرأي العام العربي هو جراء رفضه للأجندة التي تطبقها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مبتدئة ً بالموالاة الدائمة والدعم المستمر لسياسة الاستعمار الصهيوني في فلسطين وتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية مع الشعب الفلسطيني , ثم من مساندة إسرائيل في حربها مع بعض دول المنطقة ريثما لبنان ومن بعدها التهديدات الإسرائيلية لإيران .وعلى جانب ٍ آخر بروز خطة واضحة لوزارة الخارجية الأمريكية تسعى إلى زعزعة الاستقرار السياسي في الشارع الفلسطيني والعمل على ظهور فتنة طائفية يكون من شئنها قتل و إهدار المزيد من الدم الفلسطيني

و إضافة ً لما مضى ما يراهُ العالمُ العربي من سياسات أمريكية متعجرفة وتدخل سافر في الشئون الداخلية للعديد من دول المنطقة كليبيا والسودان ثم تهديداتها للنظام السوري وإضافة ً إلى كل هذا الكارثة الكبرى التي أثرت في وجدان الشارع العربي بأكمله من احتلال ٍ كامل ٍ للعراق وإسقاطِ حكومته مما زاد البغض العربي لتلك السيدة المتغطرسةِ على جميع قوى العالم ِ وشعوبه

وأخيراً ما زاد الرأي العام العربي كرهاً وعداوةً للكيان الأمريكي هو تلك السياسات التي انتهجهتا الولايات المتحدة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول للعام 2001 تجاه العالم العربي و الإسلامي وتضييق الخناق على أي فرد يحمل هوية عربية أو يعتنق ُ دين الإسلام مما بعث في قلوب العرب والمسلمين إحساساً بالتمييز العنصري والبرجماتية تتبعه أكبر دول العالم المنادية بالحرية

كلّ ُ ما ورد من أسباب يجعل أي تحدٍ من جانبِ أي قوىً في العالم لذلك النظام المتجبّر هو مصدر فرح ٍ و قبول من جانب الرأي العام العربي الذي قد يتخذ ُ صف هذه القوى ضد الهيمنة الأمريكية .لكن و بالنظر ِ إلى واقع الأمور وعدم الانجراف خلف العواطف والمشاعر يتوارد إلى الذهن ِ سؤالا ً ألا وهو

هل حقيقة ً ما يحدث ُ من صِدَام ٍ بين الولايات المتحدة وإيران أم أنها مجرد تمثيلية حاكها المطبخ السياسي الأمريكي الإيراني للإبقاءِ على الوجودِ الأمريكي في الشرق الأوسط والخليج العربي وبالتالي الحفاظ على المصالح الأمريكية في تلك المنطقة ؟


إن إجابة َ هذا السؤال تقعُ تحت احتمالين

أولهما : هو صدقُ ذلك التساؤل في أن ما يجري ماهو إلا مشهدٌ سياسيٌ مُفبركٌ تحاولُ الحكومة ُ الأمريكية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية إبرازه للعالم لإخفاءِ نوايا كلتيهما عن أنظار ِ المراقبين .والدليلُ على هذا يندرجُ تحت الآتي

أولا ً : فضيحة إيران - كونترا التي حدثت في منتصف العقد الثامن من القرن الماضي وكان طرفاً فيها الرئيس الأمريكي ( رونالد ريغان ) والتي كشفت عن وجود صفقة أسلحة دارت بين الحكومة الأمريكية والإيرانية حول إمداد إيران ببعض الأسلحة والتكنولوجيا الحديثة عن طريق إسرائيل حتى تستخدمها إيران في حربها ضد العراق وفي المقابل إطلاق سراح بعض الرهائن الأمريكيين المحتجزين من قبل قوىً إيرانية في لبنان وبالإضافة إلى ذلك دفع أموال تستغلها الحكومة الأمريكية سراً في دعمها لحركات التمرد " الكونترا " في دول أمريكا الوسطى ضد الحكومات اليسارية في نيكاراغوا والسلفادور . الفضيحة ُ التي أبرزت عند ظهورها زيف وكذب ادعاءات الحكومة الإيرانية حول إسلاميتها وغيرتها على الدين , والتي أكدت أيضاً تقديم المصلحة الإيرانية والتي تخدم تلك الرغبات الاستعمارية على أي مبدأ شريف قد تدّعيه تلك الجمهورية الإيرانية لنفسها

ثانيا ً : ما كان من إيران من حربٍ مع العراق واستعمار ٍ للجزر الإماراتية و تمويل قوات الحوثي المعارضة في اليمن لا يدلُ إلا على عقليّةٍ توسّعيّةٍ قد تتحالف مع من سمته هي نفسها بالشيطان الأكبر - الولايات المتحدة - لتحقيق تلك الطموحات التوسعيّة ولتفتيت الكيان العربي والإسلامي ريثما السنّي على الأخص

أما ثاني تلك الاحتمالات للتساؤل المطروح هو أن يكونَ صِدَاماً حقيقياَ , ولكن يجبُ أن نضعَ في الاعتبار وجودُ تحالفٍ مُسبق ٍ بين الإدارة الأمريكية و الإيرانية الذي قد تكون قد نقضته الولايات المتحدة مع إيران كما فعلت مع سابقاتها من قوات المجاهدين في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي ومن بعدهم الحكومة العراقية نفسها والتي كانت من قبلُ حليفا ً سياسيّاً وعسكريّاً أمريكيّاً ما كادت ان استغلته إلا وانقلبت عليه وأسقطته


و من كلا الاحتمالين يبرز لنا زيف الادعاءات الإيرانية حولَ مجابهتها للولايات المتحدة على أنها حرباً ضد قوى الشر ونُصرة ٌ للإسلام ِ والمسلمين

هذا من الجانبِ السياسي أما الجانبُ الأشدُ خطراً على الإسلام ِ والذي يجبُ أن ينظرَ إليه ويُلمّ َ بهِ الشارع العربي هو الجانبِ الطائفي , ففي الآونةِ الأخيرة برزت إلى السطح خطة ٌ تُدعى بـ ( تحرير ُ بغداد ) كان الهدف منها هو القضاءُ على الجماعاتِ الوهابيّةِ السنّية في بغداد قضاءاً تاماً على أيدي الحركات الشيعية المسلحة ( الروافض ) تلك الخطةُ التي نظمت لها أيدٍ إيرانية ولكن إرادةُ الله حالت دون وقوعها

ثمّ ما إلى غير ِ ذلكَ من كرهٍ وبُغض ٍ متغلغل ٍ داخلَ النفوس الشيعية والتي تمثّلُ الغالبية العظمى التي تكادُ أن تكونَ إجماعاً داخل المجتمع الإيراني ضد المسلمين السُنّة في العالم ِ كلّهِ وفي العراق على الأخص


وبينما أنا لستُ هنا بصددِ الدفاع عن الوهابيين الذين أختلفُ معهم في اتباعهم للعنفِ والشدةِ في أغلبِ أمورهم ذلك الذي يتنافى مع أصول ِ ديننا السمح , ولكنّي ما ذكرتُ ذلك المخطط إلا لأظهر الخطر الإيراني الذي يترصد بالمسلمين السُنّة منتظراً أن تأتي الفرصة ُ ليقضي عليهم

إذن كيف للشارع ِ العربي أن يقفَ في صفّ هؤلاء المرتدين الذين لا يكفّون عن سب صحابةِ رسول ِ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يرجعون عن سب أمهات المؤمنين عائشة وحفصة رضوان الله عليهم

ثمّ هاهم يبنون مزاراً لأبي لؤلؤة المجوسي قاتله الله قاتلُ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه

كيف للرأي العام العربي أن يفخرَ بنصر ٍ أو يسعدَ بتقدم ٍ لتلك القوى الفاجرة التي نسألُ الله أن يهلكها و يُهلكَ كلّ َ من أراد بالإسلام ِ والمسلمين شرّاً

لذا ومن خلال ِ كل ما ذكرت يتبينُ لنا أن المشادات والمشاحنات الأمريكية الإيرانية ما إن ثبُتت صحتها فإن الرابحَ في النهاية ماهو إلا عدوٌ سيلتفّ ُ إلينا يُريدُ القضاءَ علينا


ونستطيعُ أن نستنتجَ من هذا أن العالم العربي قد التفت حوله قوى الشر من صهاينةٍ ومرتدين وكفرة يريدون الفتك به وبدين الله على أرضه , وعلى ذلك يجبُ أن يستيقظ َ العربُ من غفلتهم ولا يفرحوا بانتصار أحدهم على الآخر لإنهم حينها سيتوجبُ عليهم أن يكونوا مستعدين لقتال تلك الفرقة التي انتصرت حتى يحافظوا على أرضهم وينصروا دينهم

ولو كان قد قُدّر لإيران الفوز في تلك الحرب ضد الهيمنةِ الأمريكية و فرح العرب بذلك الفوز فليعلموا أن أول من ستلتف إيران لطعنهم في ظهورهم هم هؤلاء الذين فرحوا بها


و من كلّ هذا نخلُصُ إلى إجابةِ سؤالنا موضوع المقال وهو أن إيران ليست حليفاً استراتيجياً بل هي عدوٌ استراتيجي وطائفي معاً يجبُ على العالم ِ العربي كلَّه أن يحتاط له حتى لا يقعَ في براثن زيفِهِ و خديعته
 
posted by نبض القلم at ١٢:٢٢ ص | Permalink |


0 Comments: