الثلاثاء، ٢١ أغسطس ٢٠٠٧
ترُى من يتحمل نتيجة الخطأ سلمان رشدي أم آيةُ الله الخميني؟


" آياتٌ شيطانية " كتابٌ ظهر في أواخر العقد الثامن من القرن الماضي وبالتحديد في عام 1988 من تأليف الكاتب الأنجليزي ذوي الأصول الهندية " سلمان رشدي " أحدث على إثر صدوره ضجةً كبيرةً في العالم الإسلامي لما جاء فيه من إساءةٍ ومساسٍ برسولِ الإسلام محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – ذلك الذي أثار في نفوسِ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مشاعر الغضب والسخط على هذا الكتاب ومؤلفه على حدٍ سواء.
وما زاد الأمرُ سوءاً تلك الفتوى التي خرج على بلاد المسلمين بها الإمام " آيةُ الله الخميني " في عام 1989 بتحليل سفك دم هذا الكاتب ورصد جائزةٍ ماليةٍ قدرها مليون دولار لمن يستطيع هذا إنتقاماً لما أقدم عليه من إساءةٍ لرسولِ المسلمين سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وحينما علمت السلطات البريطانية بتلك الفتوى اتخذت كل الإجراءات الأمنية لحماية ذلك الكاتب من بطش هؤلاء الثائرين على ما قد أتى به في قصته القبيحة.
الجديدُ في الأمر هو ما خرجت به علينا ملكةُ إنجلترا منذ أشهرٍ قليلةٍ ماضيةٍ بمنح لقب فارس إلى الكاتب الإنجليزي " سلمان رشدي " تقديراً لإسهاماته الأدبية والفنية في المجتمع البريطاني , ذلك الذي أشعل ناراً قد أخمدها مرور سبعة عشر عاماً على فتوى الخميني , فتذكر الناسُ حينها ما قد كان واستشاطوا غضباً لذلك القرار الغريب إذ أن الجميع يعرف أن ذلك الكاتب ليس على المستوى الأدبي الذي يستحق به هذا اللقب , الأمرُ الذي وضع في النفوسِ شكّاً بأنّ وراء هذا التكريم دوافعاً أخرى وأيدٍ خفيةٍ تريدُ أن تصنعَ بلبلةً في الشارع الإسلامي وأن توصلَ رسالةً إليه مفادها " ها نحنُ نكرمُ من أهانكم أيها المسلمون ".
وأقولُ لمن لا يعلم أنّ اللائحةَ التي تحتوي الأسماءَ المنوطة بالتكريم في كلِّ عامٍ تخرجُ من مكتبِ رئيس الوزراء وأن دورَ الملكةِ هو التوقيعُ بالموافقةِ على هذه اللائحةِ , الأمرُ الذي يظهرُ من خلاله مصدر تلك الرسالة ألا وهو رئيس الوزراء البريطاني السابق " طوني بلير " الذي قرر قبل رحيله من على كرسي رئاسة الوزراء أن يردَ الصفعةَ إلى الناخبين البريطانيين من المسلمين وإلى العالم الإسلامي كله بسبب ما افتقده جرّاء كره المسلمين لسياساته التي ينتهجها تبعيةً لسياسات الولايات المتحدة إلى أن أسماه العرب والمسلمون بـ " كلب بوش المدلل " , ذلك الأمرُ الذي أفضى به في النهاية إلى التنازل عن رئاسة الوزراء لخلفه " جولدن براون " وترك الساحة السياسية في بريطانيا تماماً.
ما كان هو نبذةٌ مختصرةٌ على ما أحدثته رواية " آياتٌ شيطانية " في العالم منذ صدورها إلى وقتنا الحالي , والآن أتطرق إلى هدفي من كتابةِ هذا المقال ألا وهو:
هل كان الخطأ حينما فكر ذلك الكاتب الإنجليزي أن يكتبَ تلك الرواية أم أن الخطأ حينما أعطاهُ الإمام الخميني أكبرَ من حجمه ومن حجم روايته التي يقرّ جميع كتاب الأدب في العالم العربي بل وفي العالم أجمع أنها روايةً دون المستوى لا تستحقُ حتى النظر إليها ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال سأبرزُ رأي أدباء العالم العربي ومفكريه حول ردة فعل الشارع العربي و الإسلامي إثر ظهور هذه الرواية ثم على قرار منح ذلك الكاتب لقب فارس , و رأي المفكرين العرب من موقف الإمام الخميني حيال هذه القضية.
خرج رأي أغلب الأدباء والمفكرين في العالم العربي أن ردة فعل الشارع العربي والإسلامي كان مبالغاً فيها وما كانت إلا حينما أثار الإمام الخميني تلك القضية ورصد مبلغاً مالياً ضخماً لمن يستطيع أن يقتل ذلك الكاتب , وبالطبع ثورة الشارع العربي والإسلامي لم تكن بغرض الفوز بهذا المبلغ وإنما أتت حينما علموا عن طريق ما أثير في الصحف عمّا احتوته تلك الرواية من مساس برسول الإسلام سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه , الأمرُ الذي جعلهم يستنكرون ويخرجون في كل البلدان مطالبين بالقصاص من كاتب هذه الرواية المشينة.
ويرى المفكرون أنه لو لم يخرج الإمام الخميني بتلك الفتوى لما علم الشارع الإسلامي بتلك الرواية إلا القليل القليل من المسلمين ولما أحدثت تلك الضجة ونالت تلك الشهرة على الرغم من ردائتها الأدبية وقلة الفن فيها.
ولذا يُحمّلُ أغلب المفكرين أسباب تلك الضجةِ إلى فتوى الخميني ويرون أن الأمر لم يكن يستحقُّ كلّ هذه البلبلة.
ولكن ألم يخطئ " سلمان رشدي " حينما أقدم على كتابةِ مثل هذه الرواية الحقيرة التي لا تحتوي على أي نوعٍ من الأدب والفن؟
ألم يكن من العيب المساس بما هو ليس من حقه أو من حق غيره الاقتراب منه من مقدساتٍ وشخصياتٍ لها من الإجلال والاحترام ما يحملُ المرء على تقديرها وعدم الإساءة إليها.
أو تدعو تلك الحرية الفكرية إلى تشويهِ الأديان وتنمية الأحقاد والكراهية في نفوس البشر ضد بعضهم البعض عن طريق تلك الطرق الرخيصة من سبٍ وقصفٍ واختلاق قصص وأكاذيب حول سير الأنبياء والرسل.
ثم لماذا يلومون المسلمين؟!!
أو لم تثر الكنيسة في أوروبا وفي الشرق على رواية " شيفرة دافنشي " للكاتب الأمريكي " دان براون " لما كان فيها من مساسٍ بمعتقداتهم المسيحية الكنائسية التي لم يقبلوا مطلقاً الاقتراب منها بل واعتبروها خطاً أحمراً يُمنعُ على أي فردٍ تخطيه.
إذاً لماذا يلومون الآن المسلمين في ردة فعلهم على ما جاء في تلك الرواية الرخيصة ويقولون أنه لم يكن من الواجب أن تحدث تلك الثورة لإن الرواية لا تستحقُ هذا.
أقولُ لهؤلاء المفكرين أن الثورةَ والغضب كانا واجبين في حال إن كانت تلك الرواية تستحقُ النظرَ إليها أو لا تستحق , إذ أن ذلك الغضب كان على رفض مبدأ المساس بأي شيءٍ يتعلقُ بالإسلام والمسلمين من شخصياتٍ ومقدساتٍ لا نقبلُ المساس بها , وأن ذلك الغضب هو قد يكونُ الرادعُ لأي محاولةٍ مقبلةٍ في التطاول على الرموز الإسلامية.
ومن هنا نخلصُ إلى أن الخطأ في البدايةِ كان في كتابةِ تلك الرواية الحمقاء إذ أنه ليس من حق أي شخصٍ الحديث عن أيٍ من الأديان أو المقدسات بما لا يليقُ بها لما في هذا من إثارةٍ لمشاعر الكراهية والعدوانية بين بني البشر الأمر الذي ينتهي وبالنهايةِ إلى ما ليس نرجوه جميعاً من تطرفٍ وقتل وقد يسبب هذا أيضاً في اندلاع الحروب التي لا تجرعُ البشريةُ منها سوى الأسى والألم.
 
posted by نبض القلم at ١١:٢٩ م | Permalink |


0 Comments: